أقدم فيما يأتي نماذج من تناول الإعلام الغربي لموضوع المرأة المسلمة، وكيف يسعى هذا الإعلام إلى تشويه صورة الإسلام والمسلمين والحكم على الإسلام من خلال بعض تصرفات المسلمين المخالفة للشريعة الإسلامية.
أولاً: إذاعة لندن
لإذاعة لندن العربية (BBC) برنامج طريف يعرض فيه لمحات عن بعض الكتب الحديثة التي صدرت في الغرب أو الشرق حول الإسلام والمسلمين. وهو برنامج مستمر منذ عدة سنوات بعنوان (جولة في عالم الكتب). وهذا يؤكد أهمية الاستمرارية في الهيكل الأساسي لبرنامج أي إذاعة.
ومن آخر الكتب التي عرضت لها إذاعة لندن القسم العربي كتاب (قضية الشرف) مع أن العنوان بالإنجليزية يعني (ثمن الشرف) The Price of Honor وهو لكاتبة بريطانية انتقلت للعيش في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، وتعمل في مجال الصحافة اسمها جان جودون Jan Godwin التي فازت بعدة جوائز صحافية.
وذكرت الإذاعة أن الكاتبة أمضت خمس سنوات متنقلة بين البلاد الإسلامية التي تحدثت عنها وهي الباكستان، وأفغانستان والكويت والمملكة العربية السعودية ومصر. وقد لخصت الإذاعـة الكتاب بقولها "إنه ليس من الحكمة أن يسمح الغرب أن ترتبط مصالحه ببلاد غير مستقرة تتعرض فيها المرأة للاضطهاد وسوء المعاملة" وزعمت الإذاعة أن الكتاب لاقى رواجاً كبيراً من النقاد والصحف والمجلات الغربية، وبالرغم مما فيه من آراء مثيرة، فإن الناشر أراد هذه الإثارة فلعلها تسهم في تسويق الكتاب.
بعد هذا التقديم من الإذاعة طلبت من الكاتبة المصرية والروائية باللغة الإنجليزية الدكتورة أهداف سويف أن تتحدث عن الكتاب. فذكرت أن الكتاب اهتم بالعلاقات المالية والتجارية بين الـولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الإسلامية، وكذلك لبعض الدول العربية استثمارات ضخمة في الغرب، ولكن على الغرب في نظرها -الكاتبة- أن يكون حكيماً فلا يسمح بارتباط مصالح بهذه البلاد غير المستقرة وذكرت من دلائل عدم الاستقرار الصراعات المستمرة داخل البلاد الإسلامية، وانتشار الحركات الأصولية وكذلك موضوع المرأة مما جعل الكـاتبة تصور النساء المسلمات في حالة جزع من أن عالمهن في خطر، لأن التراث الديني التقليدي بات مهدداً، وكذلك مرور هذه البلاد بمرحلة تشكّل عسيرة تتميز بتصارع المعتقدات والرؤى المختلفة.
وذكرت الدكتورة أهداف سويف أن المؤلفة أجرت لقاءات مع قيادات نسائية في البلاد التي عاشت فيها، وكان بعضها يتسم بالجمود لعدم وجود نقاط التقاء وتفاهم كما كان لقاؤها مع الداعية زينب الغزالي في مصر. أما حوار المؤلفة مع المؤلفة نوال السعداوي الداعية إلى "تحرير المرأة" وانفلاتها من القيم الإسلامية فكان لقاءً حيوياً كما قالت أهداف سويف.
وختمت سويف عرضها بالقول إن أهم ما في الكتاب تلك الصفحات التي حوت لقاء المؤلفة مع المستشار الدكتور محمد سعيد العشماوي الذي دعا إلى ضرورة الدعوة إلى الحرية والتعليم ومرجعية السلطة. دون أن يحدد السلطة هل هي السلطة التي تحكم أو سلطة الشرع والقرآن والسنة. ولا شك أن العشماوي يدعو إلى سلطة العقل العلمانية المتحررة من نفوذ الإسلام.
كنت أتمنى أن توجد لدينا الجهات التي تطلع على هذا الكتاب فور صدوره وتحيله إلى دارسين متخصصين يملكون معرفة النظرة الإسلامية إلى هذه القضايا فلا يتركون لإذاعة لندن أو سواها لتبث مثل هذه الأفكار.
إن الحديث عن اضطهاد المرأة أمر ليس بالجديد، فتلك شنشنة قديمة لا يراد بها الحديث عن التقصير الحاصل في ممارسات بعض المسلمين بغية إصلاحها، وإعادتها إلى جادة الإسلام، ولكن القصد من ذلك التحامل على الإسلام وأن الإسلام هو الذي يضطهد المرأة .
أما الدكتورة أهداف سويف التي تعيش في الغرب وتكتب باللغة الإنجليزية وتلقى من الاحتفاء والتكريم لا لشيء إلاّ لانتقادها الإسلام والطعن فيه كما يحتفي الغرب حالياً بالمارقة البنغـلاديشية تسليمه نسرين واحتفى قبلها بالمارق سلمان رشدي وغيره ممن رفض إنتاجه في البلاد الإسلامية، هذه المرأة ليست هي الخيار الجيد للحديث عن مثل هذا الكتاب.
وعجيب رأي الدكتورة سويف بأن الحوار مع زينب الغزالي رتيب وغير جاد بينما الحديث مع المرأة التي تدعو إلى الانحراف والزيغ والضلال حوار حيوي أي معايير هذه؟ وأهم ما في الكتاب كما قالت سويف هو كلام العشماوي الذي رفضه علماء الأمة وعقلائها وردوا عليه. ولنوجه السؤال إلى هذه الكاتبة التي تتهم الإسلام باضطهاد المرأة فما ذا تقول عن العنف في معاملة الرجال لأزواجهم في المجتمعات الغربية حيث أوردت مجلة يو إس نيوز أند وورلد ربوت (US News &WorldReport) أن نسبة النساء اللاتي يتعرضن للقتل بأيدي أزواجهن تبلغ 60% مقارنة بنسبة الرجال الذين يتعرضون للقتل بأيدي نسائهم (سوانح صريحة للدكتور عبد القادر طاش). وماذا تقول أيضاً عن الجمعيات التي تؤوي النساء اللاتي يتعرضن للضرب من الأزواج؟ كأن هذه الكاتبة ينطبق عليها المثل المعروف "رمتني بدائها وانسلت"
متى نكون نحن المبادرين إلى الحديث عن أوضاعنا وتمثيل أنفسنا أمام أنفسنا. لاشك أن لدينا أخطاء وسلبيات نحن أولى معالجتها بدل أن نفتح الباب لمثل هذه الكاتبة لتطعن في خمس مجتمعات إسلامية في خمس دول من أهم الدول الإسلامية ؟ نحن أولى بالكتاب. فهل من يكتب عن الإسلام بإنصاف وموضوعية.